يلتقي كل الاختصاصيين الذي واكبوا عمليات الخوصصة في الرأى، على أنه،وبناء علىالتلاعباتالتيسجلوها،فإنمجملمداخيلالخوصصةالمحصل عليها، كانبالإمكانتحصيلضعفهاعلىالأقللوكانت قد تمت عمليات التفويت بشفافية ومسؤولية وطنية بنظرة تروم مصالح الدولة التي هى في كل الأحوال مجرد وكيلة على المال العام الذي يعود للشعب.
ومن الحالات الغريبة التي تمت في اطار ما يسمى بالخوصصة، نستحضر مثالا آخر، وهو حالة القناة التلفزيونية « دوزيم ». وجه الغرابة والشذوذ في هذه الحالة هو أن المؤسسة في الأصل كانت مملوكة للخواص، لكنها تعرضت للإفلاس، فتمت عملية عكسية لإنقاذها، أى أنه في وقت كانت الدولة تبيع أملاك المواطنين، تدخلت في حالة « دوزيم » لتشتريها، أى تأميمها، وذلك بتوفير سيولة مالية ضخمة لسد عجزها من المال العام، وفعلت نفس الأمر منذ تأميمها عدة مرات، ولا زالت الدولة تصرف من المال العام الملايير على هذه القناة الفاشلة. هناك حالة أخرى أغرب من الخيال لا زلنا نعايشها، وهى حالةجامعةالأخوين، فهى في الأصل مؤسسة جامعية خاصة تابعة للقطاع الخاص، لكنها شيدت على مساحة ضخمة من الهكتارات من أملاك الدولة، ومعظم ميزانيتها يأتي من المال العام تتعلق بالتسيير والتجهيز للدعم والمساعدة، رغم أن طلبتها الذين يفوقون ال 3.000 كلهم من الميسورين وأبناء الأعيان والأثرياء، حيث يكلف كل واحد منهم 10ملايين سنتيم سنويا.
لا زلنا نقدم فقط بعض النماذج من عمليات الخوصصة التي تم بموجبها بيع أملاك الدولة للخواص بأسعار رخيصة أفقرت الدولة من حيث رصيد أملاكها وأغنت مجموعة من المحظوظين المقربين أو من الأصدقاء الأجانب، عرب وعجم، مع الاشارة الى أن كل ما جنته الدولة من أموال الخوصصة لم ينفعها لا ماليا ولا اقتصاديا وتم صرفها في أمور تافهة تتعلق بالتسيير غير المنتج ولم يتم اعادة تدوير واستثمار بعضها. في بعض حالات شبيهة ببيع أملاك الدولة، كان يتم التحايل على العملية ببعض التسميات للتعتيم، فكان يقال مثلا اعادة الهيكلة للتحديث والتأهيل، والمقصود هو المؤسسات التابعة للقطاع العام. من هذه الحالات ما تم في شأن قطاع الاتصالات حيث تم احداث المكتب الوطني للبريد والمواصلات تحت اشراف المؤسسات المالية الدولية لأنها كانت تساهم بقروضها في مثل هذه العمليات المشبوهة، وهى قروض ترهن المالية العامة وتثقل كاهلها تحت عدة مسميات، ليتم بعدها توفير بعض الشروط المتلاعب بها لتمرير التحرير والخوصصة والمساهمة في اعداد القوانين المؤطرة لها. في هذا الصدد، كانت عملية التلاعب بقطاع الاتصالات والتحايل لتمريره من الناحية القانونية تتم بطريقة مشبوهة ومخطط لها على الواجهة البرلمانية، والتفاصيل في هذا الأمر صادمة. هكذاأصبحتكلعملياتتحريروخوصصةقطاعالاتصالات التي أشرفت عليها المؤسسات المالية الدوليةتتمتعبالتغطيةالقانونيةوالتنظيميةالتيفيإطارهاسيتماللجوءلتفويت 35% منرأسمالشركةاتصالاتالمغرب. تبقى الاشارة الى أن هذه العملية رافقها جدل كبير حول قيمتها المالية، أى ثمن الصفقة، حيث كانت هناك تقييمات متفاوتة من عدة جهات. هناك من قدر قيمة المؤسسة ب 5 ملايير دولار، في حين ثمنها يفوق 10 مليار دولار، وفي النهاية لم تفوت الا بأقل من 3 مليار مقابل 35% منرأسمالالشركة، مع الاشارة الى أن هناك عدة تفريعات للشركة من ناحية رأس المال والخدمات.