Marruecos

المختـــار الغربـــي: بوح وتأملات مؤلمة آسف، لست تيئيسيا ولا عدميا، لكني واقعي

 

المنتقدون لأحوال المغرب والمغاربة فئتان: واحدة بالفعل عدمية وتيئيسية وسوداوية الرأى والنية ومريضة بسوء النية، لا تجيد إلا الضرب في كل الاتجاهات بهدف الحاق الضرر، والثانية جريئة، قاسية ومندفعة، لكنها شجاعة، سليمة النية والطوية، تأمل التنبيه الى الخطأ وإصلاح الأعطاب والاختلالات بنية التوجه الى الأفضل والأسلم.

الفرق واضح بين الفئتين، واحدة تهدف الى التخريب والأخرى ترنو الى البناء في اطار الواقعية المبنية على الأخلاق الفاضلة والروح الانسانية.

العبد الضعيف يحسب نفسه من الفئة الثانية. لكن بجرعة زائدة من العنف اللفظي المغلف بالنية الحسنة، اعتقادا منه أن بناء الوطن والمجتمع لا تتم بالنفاق والانتهازية حينما تخرج الأمور الضارة بهما عن السيطرة وعن السبيل السوى، وحينما يعتبر الانتهازيون والمنافقون والفاسدون أنفسهم أسياد والباقي عبيد.

يؤسفني ويؤلمني جدا أن أضطر في بعض الأحيان نشر غسيل بلدي من داخل بلدي ويطلع عليه الآخرون، هذه ضريبة مزدوجة، من جهة هو نوع من النضال الذي يروم النية في فضح الاختلالات والأمل في تداركها واصلاحها. ويؤسفني ويؤلمني أكثر حين تصدح بعض الأصوات والآراء والأفكار بغير الواقع المعاش ويحاولون تصوير هذا الواقع بعكس ما هو عليه. أكثر من ذلك حين يكون ذلك مبنيا على أهداف تروم الوصول الى مصالح فردية وفئوية تخدم كل ما هو في غير صالح البلد وأهله.

من الواضح أنه هناك مظالم محمية ومحصنة لا تصلها يد العدل، ومن الواضح أن هناك خوف من التعبير عن تلك المظالم، خصوصا حينما لا تجد يد العدل طريقا لوقف تلك المظالم ومحاصرتها. هناك عدة جهات، من ضمنها الاعلام، تحاول جعلنا متعايشين مع كل ما هو فاسد وتأخذ المقابل بعدة وسائل نظير هذه المهمة القذرة، عن طريق نافذين اما في السلطة أو في التكتلات الاقتصادية.

ان التعبير عن الغضب واجب وطني وإنساني وأخلاقي، لأن هناك مظاهر فاسدة، وفي جل الأحيان مشبوهة، تجعل من العدل والعدالة كائنا بطيئا وغير مهتم بتداعيات ونتائج تلك المظاهر المحبطة والتخريبية التي تجعل كوكبة من عديمى الأخلاق والضمير يعتقدون أن كل شيئ وضع لأجلهم ولأبنائهم ولزوجاتهم ولذويهم ولأحلامهم المريضة.

أغلب المغاربة، لا وجود لهم على مستوى السلطة والنفوذ، الا في سجلات الحالة المدنية أو في لوائح الانتخابات. وهذا مظهر آخر من مظاهر الاستبداد التي لا ننتبه اليها، ولكن يستغلها ويستعملها الفاسدون بكل الوسائل والسبل ولهم كل الامكانيات لفعل ذلك بأبشع الطرق.

هذا ليس تيئيسا ولا عدم الاعتراف بقدرات بلدنا ومواطنينا، ولكنها مصاعب حقيقية ومعوقات وعراقيل يهرب الكثيرون من ذوى المصالح من الاعتراف بها ولا يريدون مواجهتها، لأن ذلك يفقدهم الاحساس بأنهم أحسن وأكبر وأفضل من الآخرين.

في السياق:

هناك عدة أمور ومواقف وأحداث لا تبشر بخير في الشأن السياسي الذي يتعرض لألاعيب على يد نوع غريب من السياسيين. 

كمثال، لا أحد فسر لنا ما هى الحكمة في أن يتوقف رئيس الحكومة المعين عن كل مشاوراته الى حين ترتيب بيت الأحرار، والحالة أن الأحرار لن يتم ترتيب بيتهم أبدا، وهم الذين كانوا مع حزب رئيس الحكومة برجل ومع خصومه برجل آخر، أو كما يقولون، رجل في الحكومة ورجل في المعارضة، في واحدة من أنذر وأغرب الحالات السياسية في تاريخ التحالف والتضامن الحكومي. كما أن مؤتمرهم الاستثنائي لن يعقد الا بعد أسبوعين. مما يعني أن الحياة السياسية ستتجمد الى أن يأذن الأحرار بتحريكها.

من جهة أخرى، وبموازاة مع هذه الحالة العجيبة، يزور الياس العماري، رئيس حزب الجرار، صديقه وحليفه الحقيقي أخنوش ليحاول التأثير عليه بعدم التحالف مع رئيس الحكومة ودفعه ليكون معول تخريب في المعارضة، وكلنا نعرف المستوى المتدني في العمل السياسي الذي وصلته تلك المعارضة.

وبعدها يقولون عنا بأننا تيئيسيين. اذا لم يكن كل ما سبق ذكره تيئيسا من السياسة ويأسا من السياسيين، فماذا نسميه؟.

الخصوصيات المغربية تناسلت حد التطرف، وبسببها نفقد بوصلة الحكمة والتعقل في العمل السياسي، ونتيه وسط جنون السياسة والسياسيين.

Afficher plus

Articles similaires

Bouton retour en haut de la page