Marruecos

بين زمان أصيل وزمان هجين من رياض العشاق الى حديقة مولاى رشيد متابعة: المختار الغربي

 

في تاريخها المجيد كانت تسمى « رياض العشاق » أما اليوم فأصبحت تحمل اسم « حديقة مولاي رشيد ». توصيف « التاريخ المجيد » ليس اعتباطا، بل هو الحقيقة المطلقة، للأسف، اعتبارا لما أصبحت عليه اليوم في حالة مأساوية مهينة ومذلة، ليس بالنسبة لهذا الفضاء فقط، بل حتى بالنسبة لمدينة تطوان، مدينة التاريخ التليد والعلم والوطنية والمعالم والأعلام. بالإجمال، الحديقة موروث حضاري كبير وعريق.

شكلها يحيل على مكونات قصور الأندلس بكل بدخها وجمالها وثرائها، بهندسة نافوراتها المتناسقة وأحواضها البهية وأشجارها الغناء وتخطيطها الرائع. كانت قطعة من تاريخ الأندلس وزمنه المجيد والجميل.

بالعودة الى بداية ثلاثينيات القرن الماضي، يفيدنا تاريخ « رياض العشاق » بأن حالما اسبانيا بدرجة « جنرال » لعب الخيال بعقله الوقاد ليفكر في انشاء حديقة بمواصفات ابداعية راقية تمتح من البيئة وكل ما هو جميل فيها، نباتات وأشجار وأحواض، في تناغم تام مع وجود بعض الحيوانات الأليفة وأنواع جميلة من الطيور.

في تلك الأجواء الرائعة والفضاء الجميل كان الناس، القاطنين والوافدين، يحجون للاستمتاع بها وادخال البهجة على نفوسهم وخيال أبنائهم، خصوصا حينما كان الرياض يحتضن كل أنواع الفرجة والفن والاحتفال.

كان هذا في عهد الحماية، عهد ما نسميه بالاستعمار والاحتلال. وبعدها، في عهد الاستقلال، انهالت معاول التخريب والاهمال والاندثار واختفاء كل تلك المظاهر، فتحولت (الحديقة) الى مسخ مشوه ومنفر. ليس هذا فقط، بل سكنها واحتلها كل ذي نقيصة أخلاقية وسلوكية.
وكإحساس بالذنب، لكنه احساس مغشوش، قيل بأنه تم اعادة هيكلتها مع بداية القرن الحالي، فخضعت لتهيئة محت كل مميزاتها القديمة لتمحو أصالتها ولتصبح مجرد فضاء أخرس وأصم وأعمى. وأسوأ من ذلك فان تغيير معالم الحديقة لم يدم طويلا لتصبح جثة. من قدر له أن عاش حالة الحديقة في أيامها الزاهية ومقارنتها مما عليه الآن لا يمكن الا أن تصيبه الصدمة، وقد أصبحت مرتعا للحشاشين والمتشردين وحتى بعض الأفعال المخلة بالأخلاق، ناهيك عن جنباتها التي أصبحت بمثابة مراحيض مفتوحة .

أنا شخصيا أعرف أصلها، لكن ما هى عليه الآن لا يمكن الا أن يوصف ب (الجريمة البيئية) لواحدة من معالم تطوان الشامخة بتاريخها، وهى في الحقيقة أرادوا لها أن تسير على نفس المصير الذي لاقته « ساحة الفدان » التي أعدمت في واحدة من أبشع الجرائم التاريخية التي لحقت المدينة.

 

Afficher plus

Articles similaires

Bouton retour en haut de la page