اليوم ينهي مؤتمر الكوب 22 اشغاله في مدينة مراكش . وقد حظي بتغطية اعلامية شارك فيها عدد من الصحفيين من منابر اعلامية وطنية ودولية ، وكل نظر الى النقاشات التي تدور فيه من زاوية خط تحرير مؤسسته الاعلامية . من هذه المؤسسات » الديمو قراطية الان » وهي عبارة عن برنامج اخباري مستقل عن المؤسسات الاخبارية الامريكية ، يبث يوميا من خلال800
شبكة اذاعية وتلفزية واقمار صناعية . ممول من مساهمات وهبات المتتبعين ولا يبث اعلانات تجارية باعتباره برنامج لا يهدف الربح .
هذا البرنامج الاخباري ارسل الى مراكش الصحفية Amy Goodman وهي راس الرمح في اغلب مراسلاتها عبر العالم لانها تستضيف شخصيات لها دور في النضالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ذات التوجه »التقدمي » في العالم حسب منظور البرنامج ..
وطبعا هذا التوجه يفرض عليها صياغة حواراتها بما يتلائم والخط التحريري للبرنامج .
اطلعت على مراسلتين لها عن مؤتمر المناخ ( كوب 22 ) . والتي لم تحمل عن المؤتمر سوى قولها » انا في مراكش لمتابعة المؤتمر وان المغرب تحكمه عائلة ملكية منذ قرون . وكلمة قصيرة عن اختيار المدينة لاحتضانه .ومباشرة اعلنت ان معها على الخط » عالمة » الاجتماع الهولندية ذات الاصل المغربي مريم واراغ . التي انتقلت من هولندا للاستقرار في بريطانيا حيث تدرس في جامعة وستمنسترفي لندن . كان السؤال هو لماذا اختيرت مراكش مكانا للمؤتمر ؟ ردت الاستاذة واراغ بان ذلك مرده الى كونها مدينة ذات شهرة عالمية وفي نفس الوقت لتسويق السياحة في المغرب ولكونها بعيدة عن مدن الشمال التي تشاهد احتقانا ومظاهرات امتدت الى باقي المدن المغربية بعد حادث مقتل محسن فكري بائع الاسماك في مدينة الحسيمة . والذي شبهته مريم وراغ بحادثة مقتل البوعزيزي في تونس ، مضيفة الى انها تعتقد ان بعد مراكش عن مكان الحادث ، كان من اسباب اختيارها لتستضيف الكوب 22 بحيث لن تصلها الاحتجاجات وهي في خضم استضافة المؤتمر .
عجبا كيف يستغل بعض الصحفيين اقوال بعض المتقولين لقلب الحقائق ليوهموا الناس كذبا بان تلك هي الحقيقة ولا يجدون من يوقفهم عند حدهم . وكم تمنيت لو كنت هناك لا ستضفت هذه الصحفية ، خصوصا وانها عرجت على موضوع ءاخر لا علاقة له بالكوب وهو موضوع الصحراء المغربية . وقد وجدت في ضيفتها ما اشفى غليلها من حديث اقل ما يوصف به بانه بهتان . فقد تحدثت مريم واراغ عن قضية الصحراء مكيلة للمغرب شتى النعوت
وهي تسرد معاناة الصحروايين وعن حقوق الانسان في هذه المنطقة من الوطن . بل وضعت القضية الفلسطينية في مقارنة مع قضية الصحراء . ولعل معرفتها بالقضية الفلسطينية , لكونها اقامت عدة مرات في فلسطين لتتبع ما يمارس على الفلسطينيين من ظلم ، وكذا جهلها بقضية المغرب والمغاربة جعل الاوراق عندها تختلط .
وقد تركت لها الصحفية الفسحة لتقول ما طلب منها وما لم يطلب . عندما ربطت الحراك الاخير بما وقع في » الربيع العربي » وظهور حركة 20 فبراير ، وانه بعد كل ستة اشهر تظهر في المغرب تظاهرات واحتجاجات ، وان كان مطلبها هو اسقاط النظام فانها تعبر عنه بطرق لا تخفى على احد . مما دفع بالصحفية الى التعليق قائلة :
ومع ذلك فالملك لازال على راس الدولة . وهو تعليق يبرز الغرض من استضافة اشخاص تميل توجهاتهم الى ان تصب في الخط التحريري للبرنامج الاخباري -الذي يدل اسمه عليه- وليس البحث عن الحقيقة بحياد . كان حديث مريم واراغ وشرحها لما يجري في المغرب متعسفا الى اقصي حد ، فيه من الدراما اكثر من الحقيقة تنقلت فيه الى الامازيغية والامازيع….الخ حوار طويل متحامل كان من الاولى ان يصدر من سياسي او نقابي وليس من اكاديمية .
هذا النوع من الضيوف هم من يشفي غليل هذا الصنف من الصحفيين ، لانهم يسهبون في الكلام مما يمكن الصحفي من التصرف في المادة الخام عند القيام بعملية التوظيب ، عن طريق اختيار المقاطع الصوتية التي تلائم الهدف المنشود من اجراء الحوار كما يريده الصحفي . وكلما كان الضيف قليل الكلام كلما شق على الصحفي الوصول الى مبتغاه مما يدفعه الى استنباط اشياء من اقوال الضيف لم يكن يعنها بتاتا .
الا ان الصحفية Amy Goodman في مراسلة لها من مراكش نشرت اليوم على صفحة البرنامج الاخباري ، ودائما في تغطية مؤتمر الكوب 22 لم تحصل على ماكانت تريد . اذ استضافت ماري روبنسون ، الايرلندية
وسالتها لماذا موضوع الصحراء المغربية مغيب عن مثل هذه اللقاءات ، قائلة بانها المنطقة التي توجد تحت سيطرة المغرب منذ 41 سنة ، ومضيفة الى ان الامين العام للامم المتحدة وصف الوجود المغربي هناك بالاحتلال متساءلة عن وضعية 150.000 لاجئ صحراوي في تندوف على الارض الجزائرية . كانت الضيفة واقعية فيما تفوهت به ، ربما لكونها خبرت قضايا الصراعات الدولية عندما شغلت منصب رئيسة ايرلندا ، ثم المندوبة السامية لحقوق الانسان . قالت السيدة Mary Robinson بانها ليست على اطلاع بهذه القضية ، التي هي من القضايا التي طال امدها لتعقيدها ، ولم تتخد لحد الان خطوات عملية لايجاد حل لها . ثم عرجت على موضوع التنمية المستدامة للموجودين بتندوف عندما سالتها الصحفية Amy Goodman حول حق الصحراويين في تقرير مصيرهم . جوابها لم يشفي غليل السائلة . مما ادى بها الى الاقتصار على سؤالين فقط لانها لم تسمع ما كانت تتمناه .
هذه الصحفية Amy Goodmanوبعض من يعملون معهافي البرنامج الاخباري سبق ان اعتقلوا في الولايات المتحدة بتهمة التحريض على العنف .
ما دفعني الى كتابة هذا التعليق هو اثارة الانتباه الى ما ينشره بعض الصحفيين عن المغرب من داخل المغرب لا يجدون من يواجه اقوالهم وتغطياتهم التي لاتنقل الحقائق بحياد بل يعمدون الى التحريف مع سبق اصرار وترصد . فهذا البرنامج لم يغطي الكوب 22 بل نشاطه خارج المؤتمر .