Marruecos

كيف السبيل الى تحريك عجلة الاصلاح الاقتصادي والاجتماعي في جهة طنجة تطوان   بقلم: المختار الغربي

 

 

في كثير من الحالات تقع أحداثا مؤلمة، بوتيرة شبه يومية، في باب سبتة بين مغاربة التهريب المعيشي وما يتعرضون بسببها من اذلال وعنف من طرف الأجهزة الأمنية الاسبانية، وقبلها العديد من الأحداث والمواجهات الدامية، بعضها راح ضحيتها مغاربة مغلوبين على أمرهم بسبب قلة حيلتهم أمام غول البطالة والفقر والهشاشة الاجتماعية. هذه الوضعية المؤلمة تفرض التفكير في مقاربات اجتماعية واقتصادية تجنب مواطنينا ما يتعرضون اليه من ذل وهوان بسبب بحثهم عن مدخول يحفظ كرامتهم ويساهم في استقرار حياتهم وحياة أولادهم وأعقابهم.

ان الحالة الاجتماعية والاقتصادية لساكنة سبتة من الاسبانيين تعتمد اعتمادا كليا على الأسواق التجارية التي يقصدها المغاربة ويتركون فيها ملايين الدراهم يوميا والتي تقتطع من رصيدنا المالي، كما أن السلع المهربة تساهم في خسائر مالية ضخمة لتجارنا ومقاولاتنا، اضافة الى المهانة التي تتعرض لها كرامة مواطنينا الجالبين لتلك السلع المهربة.

هذه العوامل وغيرها كثيرة ومتعددة، ومن ضمنها المتعلقة بالوحدة الترابية للمغرب، لدى المغرب حولها كل المعطيات والتفاصيل والأرقام. وليس مفهوما كيف أن المغرب يتسامح معها دون التفكير في بدائل تخدم مصالحه أولا ومواطنينا ثانيا، وتجنبنا مساوئها على الاقتصاد الوطني ثالثا.

قد يكون للمغرب بعض التصورات لمواجهة هذه الوضعية، لكننا نعلم أنها مرتبطة بتصورات أخرى حول العلاقات الثناية بين المغرب واسبانيا ومحكومة بنظرة خاصة لتلك العلاقات التي قد تتأثر بقرارات قد يتخذها المغرب لحماية حدوده واقتصاده، والتي قد يكون لها تأثير سلبي على اقتصاد مدينة سبتة وسكانها. لكن في كل الأحوال، كل هذه الأمور لها مخارج عدة من حق المغرب اتخاذها لأنها تدخل في باب السيادة التي لا يمكن لأى موقف من الجانب الآخر الطعن فيها لأى سبب من الأسباب، ولا يمكن اعتمادها من نفس الجهة كمبرر لتوصيفها بأى اسم من أسماء المعاملات غير الصديقة.

اعتبارا لكوننا نتوفر على مقاولين ومقاولات لديها كل الامكانيات المالية والتقنية والبشرية والتكنولوجية لإنشاء وحدات صناعية مختلفة الانتاجات والتخصصات في المناطق المحاذية لمدينة سبتة، ستساهم بدون شك في استيعاب اليد العاملة والتخفيف من البطالة ومحاربة التهريب والتقليل من المنافسة المضرة بالاقتصاد الوطني. يبدو من الملائم الدعوة الى جمع عام لأثرياء المقاولين والمقاولات بالجهة لدراسة مشروع اقتصادي واجتماعي يهدف الى انشاء مناطق صناعية ضخمة، أو أقطاب انتاجية متعددة الاختصاصات، ستعمل بدون شك عل امتصاص كل مظاهر البطالة والفقر والهشاشة الاجتماعية، كما ستساهم في نهضة اقتصادية واجتماعية كبيرة ستغير من كل ملامح الوضعية الكارثية الحالية.

في نفس السياق، يجب البحث عن آلية لتكون أولوية التشغيل لأبناء الجهة وشبابها الذين يتعرضون منذ سنوات الى التهميش والعنصرية في الحصول على مناصب الشغل في الأوراش الجديدة وقبلها كانوا يقصون من مناصب الشغل في المناطق الصناعية بطريقة مقصودة وممنهجة.

ما نحن في حاجة اليه هو انشاء مناطق صناعية محاذية لسبتة ومليلية وتشغيل العاطلين وانتاج مواد منافسة والتضييق على المهرب منها. حينذاك لن نحتاج للمواد المهربة ولن يكون هناك من يغرق السوق بها للإضرار بالسوق المحلية والاقتصاد الوطني.

ان كل ما نراه من الاختلالات الاجتماعية والاقتصادية هو من فعل أجهزة المراقبة كالأمن والدرك والجمارك، وهذه بدورها تحت مسؤولية الحكومة. بمعنى، أن هناك حماية لمظاهر من التجاوزات تبدو محمية ومدعمة رسميا. هناك حالة غريبة كدليل على ما قلته: أوصى الملك بإنشاء منطقة صناعية بين مدينة الفنيدق ومدينة سبتة، لكنها تحولت بقدرة غير مفهومة الى تجزئة سكنية قد تكون مملوكة لبعض من يسيطرون على مسالك تهريب المواد الغذائية أو حتى المخدرات بين المدينتين. ولحد الآن لا أحد تجرأ بالبحث في هذه القضية الخطيرة ومقر سكنى الملك على مرمى حجر من هذه المنطقة.

هناك تطبيع بين عدة جهات لعدم اثارة الموضوع، الكل يستفيد بمقدار خدماته. هناك حقائق صادمة في الموضوع مشتركة بين طنجة وتطوان وفي الجهة كلها.
لو كان المسؤولين لديهم ارادة الاصلاح لتم هذا الاصلاح. الا أن هذا الأمر ليس من أولوياتهم ويتهافتون فقط على صفقات أوراش الاصلاح السطحي الذي تهرق من أجله أموالا طائلة تذهب لجيوب معينة من الأثرياء ورجال الادارة النافذين.

الصحافة في الجهة يمكنها القيام بأدوار حاسمة، لكن للأسف هناك مصالح يتم فيها المتاجرة بأخلاقيات المهنة.

في ظل هذه الظروف يمكن البحث عن عدة بدائل واقتراحات، لو تم الاستماع اليها والعمل بها لكانت مظاهر التنمية في الجهة منسجمة وذات نتائج باهرة. لكن، من يسمع؟ سوق الأوراش والصحافة يسيطر عليه انتهازيون مدعومين من طرف جهات المفروض فيها اعتبار المصالح الوطنية ومصالح الناس.

 بالنسبة لمدينة طنجة، بدون شك، حالة مدينة طنجة تحسنت نسبيا، منذ وصول الملك محمد السادس الى الحكم، بالأخص خلال الثلاث أو الأربع سنوات الماضية، مقارنة مع القبل والبعد، لكن هناك أمورا مهمة يجب تحقيقها ومتابعتها وتنفيذها من أجل تحسين أحوال عيش سكانها. المدينة عانت كثيرا بسبب الاهمال، رغم أنها عاشت ومرت بمراحل كمدينة تاريخية، سياحية، فنية، ثقافية واقتصادية، بكل مظاهر التنوع الثقافي والاثني.

بين عامى 1923 و 1956 كانت المدينة مقصدا لكثير من الحالمين. ففي الثامن عشر من شهر دجمبر 1923 تم التوقيع عل اتفاقية « النظام الأساسي للمنطقة الدولية لطنجة » الذي سيعطي للمدينة ملامحها الجديدة ولساكنتها، والذي استمر 33 سنة، أى الى سنة 1956، تاريخ عودتها وإدماجها نهائيا في النظام السياسي للمغرب بعد حصوله على الاستقلال.

لكن، جاءت أوقات صعبة، وفي بعض الحالات سيئة، ضربت وهيمنت على شمال المغرب بعد الاستقلال الى حدود سنة 2000، تاريخ دخول الشمال، ومن ضمنه مدينة طنجة، حالة الانتعاش والاسترخاء. في تلك السنة تقرر بأن المدينة تحتاج الى تجديد وغسل وجهها المترب، بل، المتسخ، بالأخص فيما يتعلق بالبنيات التحتية.

يجب التذكير بأنه، ولسنوات ليست بالقليلة، كانت المدينة في قبضة وتحت هيمنة وجوه كريهة وأشخاص سيئين تسببوا في اغراقها في نشاطات ومعاملات سوداء، أدخلتها في دوامة من الاهمال الشامل، السياسي، الاقتصادي والاجتماعي، مما سهل على حفنة من الفاسدين امتلاك المدينة والسيطرة عليها.

لكل ذلك، وبعد تنامي مظاهر الفساد، كان من اللازم ايجاد طريق للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في شمال المغرب لانتشاله من على حافة الهاوية التي كان يتجه اليها، وكانت طنجة معنية بذلك.

 في هذا الاطار، تم القيام بعمليات، فيها المستعجل وفيها المؤجل، للتنمية الاقتصادية والبشرية، من ضمنها أوراش تحويل ميناء المدينة الى ميناء ترفيهي وسياحي، انشاء ميناء المتوسط، انشاء وتحديث المناطق الصناعية بجميع تخصصاتها، الطاقة المتجددة، الفنادق الجديدة، المراكز التجارية، أماكن الترفيه وغيرها.

حاليا، تعيش مدينتى طنجة وتطوان مرحلتهما الثانية للتأهيل التى انطلقت أولى مراحلها عام 2006 حينما أعطى الملك تعليماته في هذا الشأن وحضر توقيع الاتفاقيات التي تم بموجبها انعاش المدينة وغسل وجهها من الشوائب التي علقت به.

اليوم نحن في حاجة الى ابداع مرحلة جديدة موجهة الى الاهتمام بالعنصر البشري لمحاربة البطالة والفقر والتهميش والهشاشة والاقصاء.

 

Afficher plus

Articles similaires

Bouton retour en haut de la page